
نبدأ بكونها هدية للرئيس فى الشرع الإسلامي لا يجوز لمن هم فى السلطة أخذ الهدية من أحد لأن أخذها خطأ ووسيلة لشر كثير، والواجب على الرئيس أن لا يقبل الهدايا، فقد تكون رشوة ووسيلة إلى المداهنة والخيانة، إلا إذا أخذها للمستشفى ولمصلحة المستشفى لا لنفسه، ويخبر صاحبها بذلك فيقول له هذه لمصلحة المستشفى لا آخذها أنا، والأحوط ردها ولا يقبلها له ولا للمستشفى؛ ذلك قد يجره إلى أخذها لنفسه، وقد يساء به الظن، وقد يكون للمهدي بسببها جرأة عليه وتطلع لمعاملته أحسن من معاملة غيره؛ لأن الرسول ﷺ لما بعث بعض الناس لجمع الزكاة قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فأنكر عليه النبي ﷺ ذلك وخطب في الناس وقال: ما بال الرجل منكم نستعمله على أمر من أمر الله فيقول: هذا لكم وهذا أهدي إلي، ألا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر هل يهدى إليه أخرجه مسلم في صحيحه.
وهذا الحديث يدل على أن الواجب على الموظف في أي عمل من أعمال الدولة أن يؤدي ما وكل إليه، وليس له أن يأخذ هدايا فيما يتعلق بعمله، وإذا أخذها فليضعها في بيت المال، ولا يجوز له أخذها لنفسه لهذا الحديث الصحيح، ولأنها وسيلة للشر والإخلال بالأمانة،
أما كونها تم شراؤها من خزينة الدولة فهو محظور شرعا يؤدي بفاعله إلى النار فقد أخذ رجل شملة فى عهد النبي صلى الله عليه مسلم لا تساوي قيمة تذكر ثم مات فى القتال فقال النبي أن الشملة تشتعل عليه نارا فى قبره أو كما أخبر عليه السلام وقد حاسب المسلمون عمر بن الخطاب على ثوب أعطاه له إبنه فظن المسلمون أنه أخذه من الثياب التى من بيت مال المسلمين فقد جاء فى إعلام الموقعين أن عمر وردت عليه ثياب من بعض ولات الأقاليم كانت تتألف من قميص وإزار فنظر عمر إلى عدد الناس فى المدينة فإذا هي إن قسمت عليهم بثوب وإزار لا تسعهم فقرر تقسيمها ثوب لرجل وإزارا لآخر ثم توجه للصلاة يوم الجمعة وخطب وعليه ثوبان فقال أيها الناس اسمعوا وأطيعوا فقال سلمان الفارسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نسمع ولا نطيع فقال عمر ولم يا أبا عبد الله قال إنك قسمت علينا ثوبا ثوبا وعليك ثوبان فقال لا تعجل يا عبد الله يا عبد الله فلم يجبه أحد فقال يا عبد الله بن عمر فقال لبيك يا أمير المؤمنين فقال نشدتك الله الثوب الذي ائتزرت به أهو ثوبك قال نعم اللهم نعم فقال سلمان أما الآن فقل نسمع
هذا مجرد ثوب قيمته قليلة فمابالك بطائرة نفاثة بأكثر من تسعة مليارات أنظروا الفرق ماذا يفعل هؤلاء بالمال العام هل البلد فى وفرة مالية تستلزم اقتناء هذه الكماليات الباهظة من عمارات وسيارات فخمة وطائرات خاصة أم فى شح مالي يستوجب تقديم ما هو أولى وما هو ضروري أولا الشعب فقير وبحاجة إلى ابسطة المستلزمات وله حقوقه فى مالية البلد حتى يستغنى كم تغني قرابة عشرة مليارات من هؤلاء الفقراء المعوزين ؟ وكم تمول لهم من مشاريع خدمية وزراعية بدل صرفها فى طائرة تستهلك الوقود بكثرة وتكلف الصيانة الباهظة ولا يستفيد منها مواطن واحد ماذا نقول لمن يفعل مثل هذا ؟ طبعا ليس لنا من القول إلا كما قال أبوذر رضي الله عنه لمعاوية عندما عرض عليه النظر فى بناء قصره الجديد بدمشق فقال يا أبا ذر ما رأيك فى هذا فقال أبوذر إن كنت بنيته من مالك فأنت سفيه وإن كنت بنيته من مال المسلمين فأنت خائن والسفيه والخائن فى النار